تعد التطعيمات الوسيلة الأكثر فاعلية في الوقاية من الأمراض المعدية، خصوصًا في المرحلة المبكرة من العمر، والتطعيمات الإجبارية للأطفال تنظمها جداول مقيدة بعمر الطفل وبفواصل زمنية محددة بين كل جرعة وأخرى، مع إمكانية تزامن أكثر من جرعة في التوقيت نفسه، وحتى التطعيمات الإضافية يحكم توقيتاتها التنسيق مع مواعيدالتطعيمات اللازمة.
تحديد مواعيد التطعيمات من قبل الأطباء المختصين يعتمد على الإجابة عن سؤالين رئيسيين:
-
هل عمر الطفل ملائم لتلقي هذا التطعيم؟
- هل الفترات الفاصلة بين جرعات التطعيمات الأخرى مناسبة، سواءً كانت الجرعات للتطعيم نفسه أو لتطعيمات أخرى؟
والتطعيمات في معظم الأحيان يتم التوصية بإعطائها في سن معينة، هذه السن تمثل الحد الأدنى للعمر الذي يمكن أن يكون التطعيم فيه فعالًا وآمنًا عند استعماله.
أما بالنسبة للفترات الزمنية التي يجب أن تفصل بين جرعات التطعيمات، فيتم تقديرها بناءً على أبحاث كثيرة، ومن خلال تجارب إكلينيكية متعددة، ويتم دائمًا التركيز على الفترة الزمنية التي يجب أن تفصل بين جرعات التطعيمات، حيث إن قصر الفترات الفاصلة بين جرعات التطعيم ضد المرض نفسه تقلل من كفاءة التطعيم في وقاية الطفل من المرض.
لماذا تؤثر الفترات الزمنية القصيرة على كفاءة التطعيم؟
لأنها لا تمنح الجسم الوقت الكافي لبناء الاستجابة المناعية المرغوب في تحفيزها بواسطة جرعة التطعيم السابقة، وهذا يؤثر على مستوى المناعة النهائي الذي يفترض تحصيله مع انتهاء جرعات التطعيم.
إذًا، ما الفترة الزمنية المتاحة بين التطعيمات المختلفة؟
يتم الفصل بين الجرعات المتعددة لأي تطعيم بفترة زمنية محددة سلفًا، ويمكن القول إن هذه الفترات الزمنية المجدولة تمثل الحد الأدنى من المدة اللازمة للفصل بين الجرعات المختلفة للتطعيم نفسه، مثل:
- الفصل بين جرعات التطعيم الثلاثي (الدفتريا والتيتانوس والسعال الديكي) بفترة شهرين بين كل جرعتين عند سن "2 و4 و6" أشهر.
- الفصل بين جرعات تطعيم شلل الأطفال بشهرين أيضًا.
- الفصل بين جرعتي التطعيم ضد الحصبة الألمانية والحصبة والغدة النكافية بستة أشهر كاملة.
وتكمن ضرورة الالتزام بهذا الحد الأدنى من الفواصل الزمنية في أنها تمنح الجسم الوقت الكافي لبناء الاستجابة المناعية المرغوب في تحفيزها بواسطة جرعة التطعيم السابقة، وهذا هو الضمان للوصول إلى مستوى المناعة النهائي الذي يفترض تحصيله مع انتهاء جرعات التطعيم.
وتعتمد هذه الفترات الزمنية في الأساس على طبيعة التطعيمات، فالتطعيمات التي تحتوي على بكتيريا أو فيروسات حية مضعفة يجب أن يفصل بينها فاصل زمني من 21 إلى 28 يومًا، وذلك إذا لم تؤخذ في يوم واحد.
هل يؤثر طول المدة بين الجرعتين على كفاءة التطعيم؟
لا يوجد ما يمكن أن نطلق عليه حدًّا أقصى للفصل بين جرعات التطعيم ضد المرض نفسه أي لا توجد مشكلة في تأخير أي جرعة عن ميعادها إذا استدعت الظروف، فالجهاز المناعي للإنسان يتمتع بذاكرة للتطعيمات والإصابات السابقة، ولكن يظل الطفل في حاجة لاستكمال جرعات التطعيم المقررة للوقاية التامة من المرض.
ماذا يحدث إذا تم تطعيم الطفل في موعد مبكر عن المواعيد المقررة؟
إذا تم تطعيم الطفل في سن مبكرة عن السن المقررة للتطعيم، أو بفاصل صغير بين الجرعات المقررة للتطعيم نفسه حسب الجداول الزمنية المنظمة لتطعيمات الأطفال، تعد هذه الجرعة كأنها لم تكن، ويتم إعادتها في التوقيت الملائم لها، مع التأكيد على عدم وجود أي آثار جانبية ضارة على الطفل من إعطاء جرعتي التطعيم في أوقات قد تكون متقاربة.
ويجب مراعاة أن بعض التطعيمات قد تمثل خطورة على الطفل إذا أخذها في عمر أبكر من العمر المقرر، مثل تطعيم الالتهاب السحائي الذي يُمنع إعطاؤه في عمر أقل من سنتين.
اختصارًا لكل ما سبق، يمكن القول إنه يجب الالتزام بالسن الأدنى المحدد لحصول الطفل على التطعيم وعدم استباقه، وأيضًا مراعاة الحد الأدنى من المدة الزمنية المقررة للفصل بين جرعات التطعيم المتعاقبة، لضمان تحقيق الفاعلية المرغوب بها للتطعيم وبأقصى كفاءة ممكنة، ولا يوجد تأثير سلبي لزيادة الفترات الزمنية الفاصلة بين الجرعات على كفاءة التطعيم في وقاية الطفل من المرض.
وأخيرًا، احرصي دائمًا على استشارة طبيب الأطفال قبل تأجيل جرعة أي تطعيم أو في حالات الاضطرار إلى تبكير جرعةٍ ما لظروف السفر أو ما شابه، حتى يتخذ القرار المناسب لطفلك حينها.
supermama