من أكثر الأمراض انتشارا التي تصيب عدسه العين والسبب الأول المؤدي للعمى في العالم الساد الأبيض (الأزرق).
ويعرف الساد الأبيض بأنه فقدان العدسة لشفافيتها وحدوث إعتام في جزء أو أجزاء منها بشكل يؤثر على قوة الإبصار لحد يصل إلى فقدان النظر الكامل.
من الممكن أن يصيب الساد الأبيض الإنسان بصرف النظر عن عمر بحيث من الممكن أن يكون طفوليا (خلقيا وراثيا)، كما أنه من الممكن أن يصيب الإنسان نتيجة ضربه أو أصابه بالعين.
لكن يبقى تقدم العمر هو المسبب الرئيسي لحدوث الساد (عند كبار السن)؛ حيث تبلغ نسبة الإصابة بالساد الأبيض من الفئة العمرية ما بين (45-55) عاما 5 % وترتفع إلى 15 % إلى الفئة العمرية (55-65) عاما لتصل إلى لمن يقارب 50 % لما هم فوق 70 عاما.
ما هو "الساد الأبيض"
هو إعتام في عدسة العين التي تقع في الجزء الأمامي في العين خلف القزحية، الجزء الذي يعطي العين لونها، وأمام السائل الزجاجي وتكون مثبتة بروابط خيطية رقيقة موزعة على محيطها تثبتها بالعضلات المسؤولة عن تحدب هذه العدسة.
في وضعها الطبيعي تكون العدسة كرستالية صافية ولها القدرة على تغيير تحدبها بناء على بعد الأجسام المرئية أو قربها، والدماغ هو المسؤول عن تنظيم هذه العملية، بحيث ترتخي أو تنقبض العضلات المسؤولة عن تحدب العدسة التي تعمل بشكل تلقائي حتى سن الأربعين، وبعد ذلك تفقد هذه العضلات القدرة على العمل بكفاءة، مما يؤدي لحدوث طول النظر المرتبط بالعمر واستخدام النظارات prespyopia (المد البصري).
العوامل المساعدة على الإصابة بـ "الساد الأبيض"
- تعد الأمراض الجسمانية المزمنة، وخصوصا ارتفاع سكر الدم وحدوث تباين مستويات السكر في السوائل الموجود داخل العين لحدوث ترسبات وتكلسات تعمل على إعتام العدسة.
- استخدام العلاجات التي يكون أحد مكوناتها مادة الكرتزون باختلاف طرق إعطائها.
- التعرض المستمر لأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية، تؤدي لحدوث إعتام في الألياف المكونة للعدسة.
- التهابات المفصلية والرثوية.
- التدخين وشرب الكحول يعملان على تقليل الفيتامينات ومضادات التأكسد المسؤولة عن المحافظة على إبقاء العدسة شفافيتها وكرستاليتها.
الأعراض التي تصاحب إعتام العدسة (الماء الأزرق)
تعتمد الأعراض على كمية ومكان إعتام العدسة بحيث من الممكن أن يكون إعتام العدسة في النواة (nuclear) أو في الحافظة الخلفية (posterior subcapsular) أو القشرة الخارجية (cortical).
أما بالنسبة لدرجة الإعتام فتصنف إلى درجات عدة حسب الكمية قليلة إلى متوسطة إلى شديدة، وتزداد الأعراض الآتية مع ازدياد الكمية ومنها:
- انخفاض تدريجي في قوة الإبصار على مدة تتراوح بين أشهر وسنوات.
- التغير المفاجئ في قدرة الشخص على القراءة سواء كان بالتحسن أو الضعف المفاجئ.
- عدم رؤية الألوان بشكل واضح.
- تأثير الرؤية ليلا وخصوصا عند القيادة بملاحظة وجود تشتت الضوء المواجه للسائق.
- انخفاض الرؤية الشديد وعدم القدرة على تمييز الوجوه في الحالات المتقدمة.
- انخفاض مفاجئ في قوة الإبصار عند الانتقال من مكان ذي إضاءة خافتة إلى مكان مشمش.
العلاج
كثرت الأبحاث والدراسات في الآونة الأخيرة للوصول إلى إيجاد علاج طبي تحفظي غير جراحي للتخلص أو التقليل أو منع تطور إعتام العدسة، مع وجود بعض النتائج الإيجابية، إلا أن الحل الجراحي هو العلاج الجذري والرئيسي للتخلص من مشكلة الساد الأبيض حتى الآن.
تطورت عمليات إزالة الساد الأبيض جراحيا في العالم الحديث، بحيث كانت تجرى من خلال عمل شق جراحي كبير في القرنية يعادل نصف محيطها وإزالة كامل العدسة مع حافظتها، ومن ثم وضع عدسة اصطناعية في الحجرة الأمامية لعين وخياطة الجرح بغرز عدة Intracapsular cataract Extraction، وتطورت بعد ذلك عن طريق إجراء الجرح نفسه وإزالة الجزء المعتم من العدسة وإبقاء الحافظة الخلفية للعدسة ووضع العدسة الاصطناعية في الحافظة.
وآخر ما توصل إليه العلم بإجراء ما يسمى فاكو phaco، وذلك بعمل فتحات ميكروسكوبية صغيرة في قرنية العين وإزالة الساد الأبيض (الماء الأبيض) من خلال هذه الفتحات وزراعة عدسة مطوية تفتح داخل العين بالمكان المناسب.
ومن أهم ميزات عملية phaco التقليل من فترة النقاهة بعد إجراء عملية الساد الأبيض، بحيث أصبح بإمكان المريض العودة لممارسة حياته الطبيعية وبوضوح النظر بالكامل بعد إجرائها بأيام معدودة.
وتطورت أشكال العدسات الداخلية المزروعة في العين، بحيث أصبح بالإمكان تعديل الأخطاء البصرية من (قصر طول وانحراف) كما مكنت الإنسان التخلص من المد البصري ونظارة القريب عدسة متعددة الأبعاد (Multi focal).
كان توقيت إجراء عمليات الساد الأبيض في السابق بعد حدوث إعتام شديد في حدة العين مع انخفاض شديد بالنظر حيث كانت التقنية المستخدمة على مدى صلابة العدسة (العدسة المصابة بالساد الأبيض) لإزالتها بسهولة والتقليل من حدوث مضاعفات.
أما في الوقت الحالي وبواسطة الفاكو، فإنه يفضل إجراء عملية الساد بمراحله الأولى يعطي أفضل النتائج وأقل مضاعفات.
لذلك ينصح بإجراء فحوصات دورية سنوية بعد عمر الأربعين لاكتشاف أي أمراض عينية بشكل عام أو الساد الأبيض بشكل خاص لعلاجه في مراحله الأولية.
الأفق للعيون
أخصائي طب وجراحة العيون
د. قدري حجاوي