لم تثبت الدراسات العلمية بعد عن وجود تلف في المناطق الدماغية المسؤولة عن الإدراك و التعبير اللغوي، عند العديد من الأطفال الذين يعانون من التأخر اللغوي، لذا ظهر مصطلح اضطراب اللغة المحدد SLD)) و الذي يتمثل بقصور قي تعلم اللغة الاستقبالية و التعبيرية على حد سواء، دون وجود سبب مباشر لحدوث هذا التأخر.
و على صعيد أخر قد تظهر مشكلة التأخر اللغوي كاضطراب ثانوي مصاحب أو نتيجة لعدد من الاضطرابات، و يكون سبب التأخر واضحاً، و من أهم الاضطرابات المسببة للتأخر اللغوي، ما يلي:
· ضعف السمع: و يعتبر من أكثر المسببات شيوعاً للتأخر اللغوي، و تتراوح حدة المشكلة اللغوية تبعاً لشدة ضعف السمع، حيث تزداد المشكلة بزيادة الضعف و العكس صحيح. كما أن سن حدوث ضعف السمع يؤثر على المهارات اللغوية بشكل ملموس فهناك اختلاف فيالقدرات اللغوية بين الطفل الذي يولد مصابا بفقدان أو ضعف في السمع وبين الطفل الذييصاب بفقدان السمع بعد اكتساب اللغة أو اكتساب قدرا معقولا من القدرات اللغوية، ففيالحالة الأولى تكون مشكلة اللغة اشد.
كما أن من العوامل التي تؤثر على اكتساب اللغة لدى الطفل المصاب بضعف السمع التدخل المبكر الفعال و الذي يتضمن استخدام المعينات السمعية المناسبة لشدة و نوع ضعف السمع، و الخضوع لبرنامج تدريب نطق و لغة من قبل أخصائي مؤهل للتعامل مع هذه الحالات.
· الإعاقة العقلية: هناك علاقة وثيقة جدا بين الإصابة بضعف القدرات العقلية و الذهنية وبينالتأخر اللغوي، ومن المسلم به لدى جميع اختصاصي النطق و اللغة بأنالطفل الذي يعاني من انخفاض في القدرات العقلية لابد وان يعاني من اضطراب في اللغةوالعكس ليس صحيحا.و من الملاحظ أن شدة الاضطراب اللغوي تزداد بزيادة شدة الإعاقة العقلية حيث تعتبر اللغة من المهارات العقلية العليا التي تتطلب سلامة المهارات الإدراكية.
من أهم مظاهر اللغة عند الأطفال الذين يعانون من انخفاض القدرات العقلية ما يلي:
* غياب التواصل باللغة المنطوقة أو أي وسيلة أخرى و هذا عادةً ما يحدث في حالات الإعاقة العقلية الشديدة
* استخدام أصوات محدودة و حركات بسيطة للتعبير
* استخدام تراكيب بسيطة للتعبير
* التأخر الملحوظ في سن الاكتساب
* التأخر في اكتساب أي مهارات لغوية جديدة رغم برنامج التدريب الغوي
· العوامل البيئية: تعتبر البيئة من العوامل الخارجية و المحفزة على اكتساب أو اضطراب اللغة عند الأطفال فالاستعداد وحده لا يكفي لحدوث الاضطراب ففي بعض الأحيان البيئة تحد الكثير من تبعات الاضطراب اللغوي أو تزيده.
و من العوامل البيئية التي تزيد من احتمالية التأخر اللغوي ما يعرف بالازدواجية اللغوية، حيث تؤكد العديد من الدراسات أن وجود أكثر من لغة في محيط الطفل سوف يؤثرسلبا على تطور واكتساب اللغة وذلك تبعا لوجود اختلاف بين الأنظمة اللغوية المستخدمةفي كل لغة مثل ترتيب الكلمات في الجملة والقواعد الفونولوجية وغير ذلك من المظاهر اللغوية وهذاالاختلاف سوف يشوش قدرة الطفل على اكتساب اللغة أو يتسبب في حدوث خلط بين اللغتينعند الطفل وبالتالي فقدانه القدرة على اكتساب اللغة، كما و تتضاعف المشكلة إذا كان لدى الطفل الاستعداد لحدوث التأخر اللغوي.
و من العوامل البيئة إقامة الطفل في المستشفى لفترات طويلة في مرحلة ما قبل المدرسة، بحيث لا يتعرض لمثيرات لغوية و خبرات تساعده على تطوير لغة أفضل.
· العامل الوراثي: كأن يكون أحد الوالدين أو كلاهما قد عاني من تأخر أو اضطراب لغوي في مراحل الطفولة المبكرة، مما يزيد من احتمالية التأخر لدى الأولاد.
· الولادة المبكرة: و نخص بالذكر الأطفال الذين عانوا من مشاكل في مرحلة ما بعد الولادة مباشرةً، حيث تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين مكثوا فترة ما بعد الولادة في الحاضنات هم أكثر احتمالية للإصابة بتأخر اللغة.
· اضطراب التوحد: حيث أكثر ما يميز الطفل التوحدي هو عجزه عن تطوير لغة منطوقة لما تتطلبه من قدره على التقليد و الانتباه للمحيط، حيث أول ما ينتبه له الأهل تدني مهارات التواصل لدى هذا الطفل، و تختلف حدة المشكلة اللغوية حسب حدة مظاهر و علامات التوحد التي تظهر عند الطفل.
كما يوجد العديد من العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث تأخر اللغة و لم تفسر بعد و منها:
* فرط الحركة: حيث تزداد احتمالية التأخر اللغوي عند الأطفال المصابون بفرط الحركة لما تتطلبه اللغة من تركيز و انتباه لاكتساب هذه المهارة العقلية العليا
* تزداد احتمالية التأخر عند التوأم، حيث تزداد عند التوأم المتشابه أكثر منها عند التوأم غير المتشابه
الأخصائية صفاء بستنجي
مديرة مركز حكاية لعلاج النطق واللغة
