JMD مع انتهاء شهر رمضان وأيام العيد، يبدأ الناس على اختلاف مستوياتهم، بضبط ساعاتهم البيولوجية للعودة إلى الحياة الطبيعية من جديد.
ففي الشهر الفضيل تتغير وتيرة الحياة لدى غالبية الناس، سواء على صعيد النشاط اليومي والنوم، أو طريقة الأكل والشرب، حيث يتعامل بعض الموظفين سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة مع رمضان على أنه شهر لا إنجاز فيه، بحجة أن العمل والصوم لا يجتمعان.
الموظفة في القطاع الحكومي ميساء حتاملة بدأت تفكر بالعودة إلى العمل قبل إجازة العيد، كونها تجد دائما صعوبة في العودة إلى دوامها، فتقول 'رمضان بالنسبة لنا شهر استراحة من العمل، بسبب قلة ساعات الدوام، وتدني مستوى الإنجازات التي يقوم بها أي موظف'.
إلى جانب ذلك، فإن حتاملة تجد صعوبة في الاستيقاظ مبكرا للالتحاق بالعمل، كون المؤسسات الرسمية والخاصة أخرت ساعات الدوام خلال شهر رمضان، موضحة أن عملها يبدأ في العادة عند الثامنة في حين أنه في رمضان كان عند العاشرة، وبأنها برمجت هي نفسها على ذلك.
وتقول 'أجد صعوبة في الاستيقاظ مبكرا من جديد كون الساعة البيولوجية لنا تغيرت في الشهر الفضيل، وأول يومين من الدوام، سيكونان بمثابة تهيئة حتى تعود المياه إلى مجاريها، ومن ثم يبدأ الروتين القاتل والدوام الطويل'.
أما عائلة أبو مراد فهي تراعي كل هذه الأمور، فأصبحت بعد تجارب طويلة مع رمضان، تضع القوانين خلال العيد، بهدف التأقلم بشكل سريع مع الدوام.
وتجبر هذه العائلة منذ أول يوم بالعيد، أفرادها على النوم مبكرا والاستيقاظ باكرا، وتناول وجبة الإفطار من أجل أن يعتادوا النمط الطبيعي للحياة.
فيقول أبو مراد 'أعتقد أن العادة والروتين هما أهم شيء في حياة المرء، لكي لا يصبح سلبيا ومتقاعسا'، مشيرا إلى أن دوام رمضان هذا العام لم يكن خفيفا مثل العام الماضي بسبب قدومه في شهر آب (أغسطس) وطول ساعات النهار'.
هذه التذمرات الاجتماعية بمجملها من العودة للعمل بعد إجازة وتغير روتين حياة على مدار شهر، يضع خبراء حلولا لها، وذلك من خلال العمل على إعادة الفرد ترتيب جدوله الزمني، وأن تكون العودة إلى العمل بعد التعود على الراحة تدريجية وبشكل سلس.
وفي هذا السياق يقول اختصاصي علم النفس د. محمد حباشنة على العاملين في أول يوم دوام لهم أن يحددوا أولوياتهم في العمل، وأن يضعوا خطة عمل محددة وواضحة لمدة أسبوع، بحيث يبدأون بأعمال بسيطة بشكل تدريجي يوما بعد يوم، للعودة بسلاسة إلى أجواء العمل.
ويؤكد حباشنة أهمية ضبط الساعة البيولوجية لدى الأسر، لكي لا يشعر المرء بالإجهاد، بحيث يعود إلى العمل بعيدا عن إمكانية ظهور سلبيات؛ كعدم القدرة على إنجاز المهمات وعدم الرغبة في العمل.
وينصح المرء في أول يوم دوام له، أن يستمتع بفترات الاستراحة وساعة الغداء، داعيا إلى أهمية تناول الغداء خارج المكتب، بدلا من تناول شيء سريع داخله، من أجل تحسين النفسية والترغيب في العمل.
ويردف 'حتى يتأقلم المرء مع العمل مجددا، عليه عدم إرهاق النفس في البقاء لوقت متأخر في المكتب في الأيام الأولى من الدوام، رائيا أن التدرج في العمل يحبب المرء فيه، وأن البدء فورا بالأعمال الصعبة والتي تحتاج إلى تركيز يجهد الجهاز العصبي ويأتي بنتيجة سلبية'.
ويشدد حباشنة على أهمية تناول وجبة الإفطار قبل الذهاب إلى العمل من أجل مد الجسم بالطاقة اللازمة للعمل، كما ينصح بشرب القهوة والشاي من أجل تنبيه الجهاز العصبي وتحضيره لجو العمل.
الخبير الاقتصادي حسام عايش يرى أن الانتاجية القليلة لا تقتصر فقط على شهر رمضان، ذاهبا إلى أنه وبشكل عام، تبقى الإنتاجية ضعيفة بعد شهر رمضان، بسبب شعور المرء بالتململ وعدم الرغبة في العمل، إلى جانب شعوره بأن عمله واجب عليه وهو مجبر على القيام به.
ويطالب عايش الموظفين أن يعودوا إلى العمل بهمة وعزم واستعداد من أول دقيقة، وأن يقتنعوا بأن ما يقوموا به ما هو إلا خدمة للآخرين من أجل تيسير حياتهم، مؤكدا ضرورة تجنب التغيير المفاجئ في مواعيد النوم وأن يكون كل شيء بالتدرج.
اختصاصي علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د. حسين خزاعي يرى أن الجميع يشكون من الأيام الأولى من العمل بعد شهر رمضان، لأن الكثير منهم لا يعملون في شهر رمضان بجد، ولأن ساعات نومهم لم تعد منتظمة، فمنهم من يسهر طوال الليل، لينام طوال النهار حتى أذان المغرب، أو يذهب إلى الدوام لساعتين، ومن ثم يأخذ مغادرة ويعود للنوم، وبذلك يكون من الصعب بعد تأقلم جسده مع فترات النوم الطبيعية.
ويرى أن من الطبيعي أن يكون هناك تراخ في الأعمال جميعها في شهر رمضان الكريم وبعده ولمدة نصف شهر على الأقل، حتى يعتاد الجسد والشخص إلى الرجوع بنشاط وفاعلية.
اختصاصي الطب العام الدكتور مخلص مزاهرة يقدم بعض النصائح التي تجعل المرء يعود إلى العمل بجسم نشيط ونفسية عالية، فيقول 'على الفرد الاهتمام بالحصول على ساعات نوم كافية بالليل، فالنوم في النهار ليس بجودة النوم أثناء الليل، ولا ضير من أخذ غفوة قصيرة أثناء النهار من أجل استعادة النشاط والاستعانة على قيام الليل، واعتبار النوم من أهم الأولويات في الحياة الاجتماعية، إذ يجب احترام مواعيده بصفة يومية'.
وعلى الفرد الاهتمام بتنظيم مواعيد تناول الطعام وتجنب الإفراط فيه، وخاصة قبل الخلود للنوم، لتجنب زيادة الوزن واضطرابات الجهاز الهضمي، وعدم الإفراط في تناول الطعام ذي السعرات الحرارية المرتفعة مثل؛ السكريات والمواد الدسمة خلال أوقات الليل، لأنه يزيد من ارتجاع حمض المعدة وسوء الهضم واضطرابات القولون، مما يتسبب في رداءة النوم.