علاج امراض العظام والمفاصل والكسور بالخلايا الجذعية: ان الحديث عن دور الخلايا الجذعية في جراحة العظام أصبح يتطور كثيرا في ايامنا هذه حتى أن الاوهام والتوقعات فاقت بكثير حقيقة الدور الفعلي لها لعلاج تلك الامراض.
وقبل الحديث عن الخلايا الجذعية لابد من تعريف تلك الخلايا والتعرف الى انواعها. إن الخلايا الجذعية هي خلايا بشرية بدائية موجودة في الجسم ولها خاصية مهمة ألا وهي القدرة على النضوج والتحول الى انواع مختلفة من الخلايا التي تتكون منها أنسجة الجسم وأعضائه المختلفة. و الخلايا الجذعية "Stem cells" قد تنمو الى خلايا تشابه الخلايا الموجودة في عضلة القلب او خلايا الكبد او الخلايا الدهنية او خلايا غضروفية او حتى خلايا عصبية.
هناك نوعان رئيسيان من الخلايا الجذعية، النوع الاول هو النوع الجنيني الذي يستخرج من الجنين او الحبل السري وهو نوع اكثر بدائية وتستخلص من أجنة بشرية في بعض مختبرات الابحاث فقط في الدول المتقدمة ولكن تستخدم كعلاج حقيقي في بعض الدول النامية .
اما النوع الثاني فهو الخلايا الجذعية البالغة والتي تستخرج من أنسجة بشرية حية يتم اخذها من النخاع العظمي وفصلها ومن ثم استخدامها في معالجة مختلف امراض العظام والمفاصل على المستوى التجريبي لحد الان. وهذا النوع الثاني يستخرج من من نخاع العظم الموجود في عظمة الحوض وذلك باستخدام إبرة متخصصة يتم ادخالها الى داخل العظم ويتم من خلالها سحب الكمية اللازمة من نخاع العظم. ومن بعد ذلك يتم فصل الخلايا الجذعية وزرعها في المختبر وبعد ذلك يتم استعمالها في مختلف الابحاث التي تجري فيها محاولة علاج الامراض المختلفة عن طريق هذه الخلايا. الى يومنا هذا معظم امراض العظام والعضلات والمفاصل التي يتم علاجها باستخدام الخلايا الجذعية يتم اجراؤها في مراكز الابحاث علما ان بعض المراكز في البلدان تستخدمها للعلاج.
هناك العديد من الابحاث والنتائج المشجعة عن استخدام هذه الخلايا في علاج الكثير من حالات الكسور وحالات عدم التئام الكسور حيث يتم حقن هذه الخلايا في موقع الكسر ومن ثم تقوم هذه الخلايا بالتحول الى خلايا عظمية تساعد على بناء العظم وبالتالي الى تسريع عملية التئام الكسور. ومن المنتظر استخدام هذه الخلايا في علاج بعض حالات خشونة المفاصل او اصابات الغضروف عن طريق زرع الخلايا الجذعية في الجزء المريض من الغضروف لتتحول الى خلايا غضروفية منتجة للمادة الغضروفية مما يساعد على اعادة بناء الغضروف وترميم اي اصابات فيه. ونفس الخلايا يمكن ايضاً استخدامها في علاج اصابات تمزق الأربطة والأوتار حيث تؤدي هذه الخلايا الى تسريع عملية الشفاء بإذن الله. أما في مجال جراحة العمود الفقري فإن العديد من الابحاث يتم اجراؤها على هذه الخلايا لمعرفة امكانية استخدامها في علاج امراض الديسك او علاج اصابات النخاع الشوكي والحبل الشوكي والاعصاب. حيث انه من الممكن من الناحية النظرية أن يتم زرع هذه الخلايا في الجزء المصاب والتآلف من الحبل الشوكي لتقوم بالتغير الى خلايا عصبية تقوم بوظيفة الجزء المصاب ولكن هذا سوف يأخذ المزيد من الابحاث والتجارب حتى يمكن معرفة جدواه.
يوجد العديد من الابحاث والتجارب التي يتم اجراؤها بغرض معرفة امكانية استخدام هذه الخلايا في علاج امراض عديدة مثل مرض السكري ومرض الشلل الرعاشي وامراض العضلات والجلطات الدماغية وناهيك عن الحروق وامراض القلب وامراض الروماتيزم وغير ذلك من الامراض والعقم . الخلايا الجذعية واستخداماتها سوف تكون الحدث الأهم في التكنولوجيا الطبية في المستقبل القريب وذلك عندما يتم تطبيقها في المجال العلاجي الحقيقي غير التجريبي. والنتيجة أن المستقبل حامل بالتفاؤل لعلاج الكثير من الامراض بواسطة الخلايا الجذعية ولكن يجب الا نستبق الاحداث والحقائق التي يحتاج الى المزيد من الوقت والتريث وكما أشرنا اعلاه أن الخلايا الجذعية المستخدمة من الحبل السري والجنين لحد الان غير مسموح بها في الدول المتقدمة طبيا وهذا النوع من العلاج يتسارع في بعض الدول النامية مثل اكرانيا والهند ولكن بدون دراسات علمية حقيقة ومنشورة في مجلات علمية عالمية معروفة . والجدير بالذكر ان اول من استخدم الخلايا الجذعية في علاج الامراض هم الاكرانيين في سبعينيات القرن الماضي ، وقد قمنا بزيارات ميدانيه لبعض هذه المراكز ولاحظنا هناك تطور لا باس به في مجال علاج امراض العظام والسكري والاوعية الدموية لكن دون دراسات منشورة في مجلات علمية معروفة. مع أننا لا ننكر الدور المنشود والمتنوع لهذه الخلايا في علاج كثير من الامراض المستعصية ولكن أصبح هناك مبالغه شديدة في توقعات وضمانات العلاج للاسف ساعد فيها عدد لا يستهان به من الاطباء ولا بد من الاشارة انه أصبح بالأمكان استخدام صفائح البلازما المأخوذة من الدم وحقنها في المفاصل والاوتار الملتهبة وذلك لوفرة العوامل المساعدة على تحضير الخلايا الجذعية الموضعية في مكان المرض.
د. حاتم الرواشدة
استشاري جراحة العظام والكسور