الوسائل الحديثة فى تشخيص ضمور العضلات / د. حسام ابو فرسخ

قد يدرك المريض مبكرا أو متأخرا أنه يعانى من ضمور العضلات. فى بداية المرض تكون الأعراض طفيفة وقد يعزوها المريض الى تعب جسمى أو كبر السن. ولكن الطبيب المختص فى تشخيص ضمور العضلات يلحظها حتى وهى فى بداياتها.

فماهى أعراض ضمور العضلات؟

أعراض المرضى للذين يعانون من ضمور العضلات تتراوح بين أعراض بسيطة مثل نزول الحاجب على العين أو عدم القدرة على لعب الكرة او طلوع السلم ، وعدم مجاراة زملائه فى الركض أو حمل الأشياء الثقيلة كحقيبة السفر أو بعض أدوات المنزل. وعادة ما يلاحظ المريض الذى يقوم من جلوسه الى حاجته الى الاستناد الى كرسى مجاور أو حائط للقيام بذلك. عندما تزيد الحالة ضعفا، فان المريض سيعانى من صعوبة أكبر من القيام حتى مع المساعدة وصعوبة أكثر فى طلوع السلم وقد يصل فيه الجهد الى عدم القدرة على تمشيط الرأس الا بصعوبة. وعندما تزداد الصعوبة فى ضعف العضلات فانها قد تؤدى عدم الاستطاعة من القيام من وضع الجلوس الى وضع الاستقامة الا بجهد شديد وعدم القدرة على تمشيط الرأس الا بصعوبة ، وان لم يتدارك المريض نفسه ويلجأ الى العلاج قد تزداد الأمور الى درجة أكثر من الصعوبة وتتمثل فى عدم قدرة المصاب على الجلوس بتاتا أو حتى ايصال الطعام الى فمه، الى الحالات التى يكون فيها المصاب مقعدا ويفقد معظم جسمه القدرة على الحركة حتى الخفيفة منها. وقد يتطور الأمر أكثر الى أن يؤدى الضمور الى صعوبة فى حمل الأشياء الخفيفة أو الى عدم القدرة على المشى. وفى الحالات الصعبة جدا قد يصعب على المريض التنفس والأكل.

أما عند الأولاد حديثى الولادة قد يلاحظ الوالدين أن ابنهم لا يستطيع أن يتحكم فى عضلات رقبته عندما يحاولون حمله من على السرير بامساك يديه. أو أن قدرته فى رضاعة الحليب ليس مثل باقى أخوته أو باقى الأولاد. كما يلاحظ الأهل تأخر جلوس الطفل أو عدم قدرته على المشى.

فضمور العضلات مرض منتشر فى الأردن . ففى احصائية قمنا بها عن حالات ضمور للعضلات والتى تم تشخيصها عن طريق أخذ عينة من العضلات. كانت نصف هذه الحالات (50%) تصيب المرضى مادون سن 18 و 50% من الحالات الأخرى تصيب أشخاصا فوق سن 18. وكانت تتراوح أعمار المرضى من يوم واحد الى مرضى بلغوا من العمر 72 سنة. من هذه الدراسة التى أجريت فى الأردن يتبن لنا ان مشاكل العضلات والضمور العضلى تصيب الإنسان فى مختلف مراحل العمر فهى قد تصيب الصغار كما قد تصيب الكبار. كما أن هذه الدراسة بينت أن حاولى 50% من الذين يصابون فى ضمور العضلات قد يتشافون منها اذا بدأوا العلاج مبكرا.

ماهى أسباب ضمور العضلات ؟ هناكك أكثر من مائتين مرض قد يؤدى الى ضمور العضلات ولكن معظمها ممكن ايجازه فى خطوط عريضة وتتلخص معظم الأسباب الى التالى:

أسباب تتعلق بتكسر ألياف العضلات نفسها: وهى عادة ماتصيب الصغار أو العقود الأولى من الحياة على حسب نوعها وتتميز بأنها عادة ماتكون تزداد سوءا كلما تقدم الإنسان فى العمر وهى عادة ماتبدأ بالعضلات الارادية وقد تنتقل الى العضلات اللاارادية. فيبدأ الإنسان المريض بالإحساس بصعوبة تسلق السلم إلى أعلى أو النهوض من حالة الجلوس. ويزداد الأمر سوءا فيصبح يواجه صعوبة فى الحركات الأقل صعوبة مما يؤدى فى النهاية إلى جلوسه مقعدا على كرسى متحرك. وتصيب فيما بعد عضلات المريء والتنفس فتؤدى إلى صعوبة فى البلع وصعوبة فى التنفس وبالتالى إلى كثرة الالتهابات التنفسية. وقد تؤدى إلى إصابة عضلة القلب وبالتالى إلى الموت بهبوط القلب. وقد وجدنا فى دراستنا هذه أن هذا السبب يمثل 32.5% من حالات ضمور العضلات فى الأردن.
أسباب تتعلق بالأعصاب: نتيجة أن الأعصاب التى تغذى العضلات تصاب بمرض وبالتالى فان العضلات لاتعمل بالشكل الصحيح مما يؤدى الى ضمورها. وهذه الحالات قد تصيب القدرة على الحركة أو الإحساس أو الاثنان معا. وكان نسبة الاصابة نتيجة خلل فى الأعصاب 20% وهذه بدورها تنقسم إلى عدة أسباب
أسباب تتعلق بالتهابات فى العضلات: بعض الالتهابات قد تصيب العضلات وتؤدى الى ضعفها عن أداء مهمتها وبالتالى إلى ضمورها وتآكلها. وقد تسبق هذه الحالات التهابات فيروسية بعدة أسابيع، وقد مثل هذا السبب 15% من الحالات. كما وهذه تنقسم إلى عدة أسباب أخرى
أسباب تتعلق بالتركيبة المجهرية للعضلات نتيجة نقص بعض المواد أو الجزيئيات الخلقية وبالتالى تؤدى إلي ضعف العضلات وضمورها وتوقفها عن العمل. وقد تظهر هذه الأعراض على الأطفال فى سن مبكرة أو عند المراهقين أو البالغين أو حتى من تقدم به السن. وهذا السبب مثل 9% من الحالات.
أسباب تتعلق بالأدوية والهرمونات المفروزة من الجسم أو لوجود سرطان يفزر موادا يؤثر على قدرة العضلات على الحركة ويسبب لها الضمور. وقد مثل هذا السبب 4% من أسباب ضمور العضلات.
وجود تراكمات من مواد غير مهضومة فى الجسم وذلك بسبب تقص بعض الانزيمات المتخصصة فى الأيض. وهذه تمثل 2.5%.
ضعف للعضلات نتيجة سوء استخدام للعضلة لعدم وجود تدريبات خاصة للعضلة وذلك خاصة بعد الاصابة بعد حادث فى الركبة أو فى الكاحل. وهذه تمثل 2.5% من مجموع الأسباب
ضعف العضلات نتيجة وجود أجسام مضادة للمادة المنشطة للأعصاب كما هى فى حالة Myasthenia Gravis وفى هذا المرض يكون المريض أتعب مايكون فى الليل وأفضل حالاته فى أول ساعات النهار ووقت استيقاظه من النوم. وعادة مايصيب المرض العضلات القوية الكبيرة من الفخذ والذراع مع فرصة لوجود نزول الحاجب على العين أو الحول وهذه تمثل حوالى 3.3% من الحالات.
ضعف فى العضلات ناتج عن أسباب خارجة عن العضلات نفسها أو عن الأعصاب وهذه تكون عادة عند المرضى الذين قد يعانون من عدة أمراض ولايستطيعون تحديد نوع الضعف الذى يشعرون به للطبيب بسبب كبر السن أو لوجود تخلف عقلى أو لوجود صرع وما شابهه. وهذا يمثل 11% من الحالات.
أسباب متباينة ونادرة أو قد تجمع أكثر من سبب فى وقت واحد وهذه تمثل بمجموعها 3.5%.

ما هى الطرق الحديثة للتشخيص الدقيق لضمور العضلات:

كان قديما يعتمد على تشخيص هذه الأمراض عن طريق الفحص السريرى فقط أو بفحص "كهرباء" العضلات أو باجراء بعض الفحوصات القليلة. ولكننا هنا فى "المركزالمتخصص فى تشخيص ضمور العضلات" فى "المختبرات الطبية الأولى" فى عمان الأردن نعمل على التوصل الى التشخيص الدقيق ولذلك فاننا نتبع سياسة جديدة ومهمة وهى تبنى على أربع أسس مترابطة وبالتوازى.

أولها: يجب أخذ التاريخ المرضى بالتفصيل من المريض أو أهله (ان كان طفلا) والقيام بالفحص السريرى كاملا

ثانيا: يجب أخذ عينات من العضلات ودراستها بأحدث الطرق العلمية وعمل جميع الصبغات المتقدمة والخاصة عليها. وقد نضطر الى عمل فحوصات المجهر الالكترونى فى حالات خاصة وحسب السيرة المرضية.

ثالثا: يجب عمل فحوصات الدم المتوفرة لأسباب ضعف وضمور العضلات وهى تشمل أكثر من 200 فحص مخبرى

رابعا: يجب عمل فحوصات جينات وراثية لأمراض ضمور العضلات والمناسبة لكل حالة.

من كل ماتقدم يتبن لنا أن تشخيص ضمور العضلات لا يتم فقط بالطرق العادية القديمة والتى للأسف يتبعها كثير من الأطباءالى الآن. فبدون الأربع خطوات السابقة يكون التشخيص فى كثير من الأحيان غير دقيق وقد يحرم المريض من فرصة نادرة من العلاج فى الوقت المناسب.