JMDان مشكلة الارتداد الحمض المعدي المريئي مشكلة شائعة, يقدر أن حوالي 30 – 40 % من البالغين في العالم الغربي يعانون من هذه المشكلة.
تعرف مشكلة الارتداد المعدي المريئي على أنها فشل حاجز منع الارتداد مما يؤدي الى ارتداد كمية كبيرة من عصارة المعدة ذات الحمضية العالية الى المرئ . سبب هذه المشكلة ميكانيكي و ذلك نتيجة خلل في صام المرئ السفلي أو اخفاق في عملية تفريغ المعدة من محتوياتها أو قصور في حركة
المرئ, أو الأسباب مجتمعة. هذه المشاكل تتسبب في طيف من الأمراض تبدأ بما يعرف بحرقة المعدة الى التأثير على أنسجة المرئ و تلفها و ما يسببه هذا من مضاعفات. تظهر مشكلة الارتداد الحمض المعدي المريئي اما بظهور أعراض, أو بوجود التهاب في المرئ بشكل ظاهر خلال تنظير المرئ أو بتحليل الأنسجة لعينة من الغشاء المبطن لللمرئ, أو بوجود زيادة في تعرض المرئ للحمض عند المراقبة لمدة 24 ساعة.
لماذا العلاج الجراحي؟
العلاج بواسطة الأدوية هو الخط الأول لعلاج مشكلة الارتداد. قدر أن حوالي 90% من حالات التهاب المرئ تلتئم بالعلاج الطبي المكثف, و لكن لأن العلاج الطبي لا يعالج الخلل الميكانيكي المسبب للمشكلة, فان الأعراض تعاود الظهور في أكثر من 80% من المرضى خلال سنة من ايقاف العلاج, بالاضافة الى أن العلاج بواسطة الأدوية قد يعالج بشكل فعال الأعراض المتعلقة بارتداد الحمض الى المرئ, الا أن الأذى للغشاء المخاطي المبطن للمرئ قد يستمر بسبب ارتداد العصارة القاعدية من الاثنى عشر عبر المعدة. و لكون مشكلة الارتداد المعدي المريئي مشكلة مزمنة فان المريض سيحتاج العلاج الطبي مدى الحياة. ان كلفة العلاج الطبي و التأثير النفسي السلبي من تناول العلاج لفترة طويلة و العمل على التغييرغير المحبب أحيانا لنمط الحياة و التعرض للأثار الجانبية للأدوية, علما بأن الأثار الجانبية لبعض الأدوية الحديثة غير محددة بالكامل, بالاضافة الى امكانية استمرار التغيرات التي تحدث لغشاء المرئ المخاطي بالرغم من السيطرة على و اختفاء الأعراض, جميع ما سبق ذكره يجعل العلاج الجراحي لمشكلة الارتداد المعدي المريئي خيار فعال و مطلوب. ان العلاج الجراحي و الذي يتعامل مع الخلل الميكانيكي للمشكلة يؤدي الى الشفاء في حوالي 85 – 93 % من المرضى. ان الهدف الأساسي من العلاج الجراحي هو معاودة بناء حاجز منع الارتداد من دون التسبب في اثار جانبية.
و لكن و قبل التفكير في العلاج الجراحي فانه من الضروري أن يجري المريض فحوصات ليس لاثبات التشخيص فحسب بل أيضا لاختيارالعملية المناسبة. الفحوصات تساعد على تحديد السبب الميكانيكي للارتداد و المرضى الذين لديهم مشاكل مصاحبة للارتداد المعدي المريئي مثل قصور حركة المرئ أو قصر طول المرئ أو مشكلة في عملية تفريغ المعدة من محتوياتها لأن جميع هذه المشاكل يجب أخذها بعين الاعتبار عند وضع تفاصيل العملية. بالاضافة الى ما تقدم فانه يجب أخذ عينة من الغشاء المخاطي المبطن للمرئ خصوصا عند وجود تغيرات ما يعرف طبيا بالبارت ((Barrett's Esophagus, البارت عبارة عن تغير نوع الغشاء المخاطي المبطن لأسفل المرئ ليصبح شبيها بالغشاء المخاطي للمعدة, علما بأن هذا الغشاء الجديد قد تحدث به تغيرات تنتهي بتشكل ورم سرطاني.
لمن ينصح بالعلاج الجراحي؟
يجب التفكير في العلاج الجراحي لمنع الارتداد المعدي المريئي في الأحوال التالية:
1- عند المرضى الذين يعانون من خلل و ارتخاء في صمام المرئ السفلي.
2- في حالة فشل العلاج الطبي (و يحدد الفشل باستمرار الأعراض أو تكرارها بعد 8 – 12 أسبوع من العلاج المكثف).
3- المرضي الذين يختارون العلاج الجراحي بالرغم من نجاح العلاج بالأدوية و ذلك لاعتبارات تتعلق بعدم الرغبة بأخذ الدواء لفترة طويلة أو تغييرنمط الحياة.
4- المرضى الذين يعانون من مضاعفات الارتداد الحمض المعدي المريئي مثل التهاب المرئ المتقدم أو البارت.
5- وجود مضاعفات من وجود فتق كبير في الحجاب الحاجز مثل النزيف أو صعوبة البلع.
6- المرضى الذين يعانون من أعرض غير قياسية (مثل الربو, أو بحة الصوت, أو الكحة المتكررة, أو وجع الصدر, أو تكرار وصول محتويات المعدة الى الرئتين)
ان العلاج الجراحي لمشكلة الارتداد المعدي المريئي خيار فعال و مطلوب في كثير من الحالات و لكن و قبل القيام به يجب أن يخضغ المريض لحوصات لاثبات التشخيص و لتحديد تفاصيل الاجراء الجراحي المطلوب.
الدكتور ناصر الحموري
إستشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي
الانتقال لصفحة الدكتور ناصر الحموري