JMD تنتج صعوبات التعلم عن أسباب عديدة من ضمنها "الذاكرة العاملة". من المهم التنويه الى أن الذاكرة العاملة هي ليست منطقة من مناطق الدماغ، وانما وظيفة رئيسية من وظائف الدماغ والتي تتيح للأفراد الاحتفاظ بالمعلومات لفترات زمنية قصيرة بغرض إنهاء مهمة. وهي مهمة جداً لقدرة الفرد على
ضبط الانتباه لمواجهة المشتتات الخارجية. تعتبر الذاكرة العاملة احد أهم القدرات المعرفية الضرورية للقيام بأنشطة يومية مثل المحافظة على الانتباه، والقيام بتنفيذ تعليمات متعددة الخطوات، والتفكير العميق، والمحافظة على التركيز عند أداء مهمة معينة. لذلك فان الذاكرة العاملة هي عامل أساسي في علاج الأطفال الذي يعانون من مشاكل في الانتباه أو صعوبات تعلم.
الذاكرة العاملة وصعوبات التعلم:
تعتبر الذاكرة العاملة من أهم العوامل التي تمكنا من تركيز انتباهنا على الأشياء التي نقوم بها يومياً وتنظيمها ووضع أولويات لها، أي أن القدرة على التصرف بناءاً على معلومات مترابطة وتجاهل المشتتات يعتمد على جاهزية الذاكرة العاملة. إن العيش بذاكرة عاملة ضعيفة سيكون مثل تشغيل أكثر من برمجية في آن واحد على جهاز حاسوب بذاكرة عشوائية مما يؤدي إلى بطء في الجهاز. باختصار أي أنها لا تعمل على النحو المراد منها القيام به.
لذلك تشكل الذاكرة العاملة أحد أهم قدراتنا المعرفية الضرورية لتذكر المعلومات اللحظية، والتفكير العميق والإبقاء على التركيز، كما تساعدنا على ضبط الانتباه ومقاومة العوامل المشتتة. للذاكرة العاملة أهمية بالغة في تعلم الرياضيات، والقراءة الاستيعابية، وحل المسائل المعقدة والتقدم للامتحانات.
لماذا تشكل الذاكرة العاملة أهمية كبيرة للتعلم؟
تعتمد العدبد من أنشطة التعلم في الغرفة الصفية على الذاكرة العاملة لأن ذلك يتطلب من الطفل الاحتفاظ بالمعلومات وفي نفس الوقت الانهماك في التفكير بنشاط يتطلب بذل جهد ذهني (مثل تذكر جملة بهدف كتابتها وفي نفس الوقت محاولة تهجئة الحروف أو تذكر قائمة التعليمات التي يتم تقديمها من قِبل المعلم). ففي مثل هذه الحالات يعاني الأطفال الذين يعانون من قصور في أداء هذه الأنشطة ببساطة لأنهم غير قادرين على الاحتفاظ بمعلومات كافية في أذهانهم بحيث تتيح لهم إكمال المهمة.
ما هي صفات الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم؟
Ö يبدي تحفظاً للمشاركة في الأنشطة الجماعية في الغرفة الصفية.
Ö نادراً ما يبادر بتقديم إجابات للأسئلة الجماعية، وفي بعض الأحيان لا يقدم إجابات لأسئلة موجه اليه مباشرة.
Ö يتصرف وكأنه يتعمد عدم الانتباه.
Ö نسيان التعليمات والقيام بالواجبات الدراسية دون التقيد بالتعليمات.
Ö تقدم ضيف على المستوى الأكاديمي في مجالات معينة (قد يكون القصور في مادة دراسية معينة مثل الرياضيات أو نشاط أكاديمي معين مثل القراءة).
Ö الإخفاق في إنهاء الأنشطة التعليمية التي تتطلب أكثر من مهارة واحدة.
أنواع صعوبات التعلم:
Ö صعوبات في التعامل مع اللغة ويصاحبها صعوبات في القراءة والكتابة وأحياتاً اللغة التعبيرية.
Ö صعوبات في تعلم الرياضيات (ويصاحبها أحياناً صعوبات في التعامل مع النقود/العملة أو قراءة الوقت).
Ö صعوبات في الكتابة والتهجئة (ويصاحبها أحياناً صعوبات في تنظيم الأفكار).
Ö صعوبات في المهارات الحركية الدقيقة (مثل تنظيم حركة العين واليد والتوازن).
Ö صعوبات الاستيعاب السمعي (حيث يجد الطفل صعوبة في الاجابة عن أسئلة تتعلق بموضوع تم قرائته له مثل قصة أو غيرها).
هل يمكن علاج صعوبات التعلم؟
أثبتت الأبحاث أن الذاكرة العاملة هي نشاط دماغي يتصف بالمرونة، وأن هناك الكثير مما يمكن القيام به لتطوير القدرة على التعلم لدى الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم من الناحيتين الطبية والتأهيلية. ومن المهم لفت الانتباه الى أهمية القيام بالعلاج الطبي والتأهيلي معاً للحصول على أفضل النتائج بأسرع وقت ممكن. ويشتمل العلاج الطبي على ما يلي:
- العلاج بالتغذية الراجعة العصبية (Neurofeedback Therapy)
- العلاج بالتكامل السمعي (Auditory Integration Therapy)
- المكملات الغذائية التي تضمن سلامة وتوازن الكيمياء الحيوية في جسم الطفل.
العلاج بالتغذية الراجعة العصبية:
تعتمد هذه الطريقة العلاجية على فحص آلية عمل الدماغ من خلال عمل ما يسمى بـ "الخريطة الدماغية النوعية"، والتي يتم من خلالها قياس الأنواع المختلفة للموجات الدماغية أثناء قيام الطفل بنشاطات معينة (مثل القراءة، والكتابة، وحل المسائل الحسابية البسيطة، ومشاهدة فيلم فيديو والاجابة عن أسئلة تتعلق بالفيديو الذي تم مشاهدته). حيث يتطلب القيام بأي من هذه النشاطات تحفيز بعض أنواع الموجات الدماغية أو تثبيطها بشكل تلقائي وحسب نوع النشاط الذي يقوم به الطفل.
وبناءاً على تحليل الخريطة الدماغية النوعية يتم تحديد اذا ما كان هناك قصور أو خلل في أي من الموجات الدماغية أو في انتقال الموجة من منطقة دماغية الى منطقة أخرى (وهو الوضع الطبيعي حتى يتمكن الدماغ من التعامل مع المعلومات التي تلقاها وتبويبها وتخزينها واستدعاءها واستخدامها عند الحاجة اليها). ويكون دور العلاج (والذي يعتمد على جلسات علاجية عن طريق الكمبيوتر) هو تصحيح الخلل الموجود في الموجات الدماغية التي تم تحديد وجود خلل فيها.
العلاج بالتكامل السمعي:
يعتمد العلاج بالتكامل السمعي على استخدام الموسيقى بترددات مدروسة بناءاً على تقييم سريري للأعراض التي يعاني منها الشخص المراد علاجه، وهي طريقة علاجية فعالة للحد من التشوهات السمعية التي غالبا ما ترتبط بمشاكل التعلم وضعف اللغة (بشقيها الاستيعابية والتعبيرية) والاضطرابات السمعية.
تستخدم في علاج التكامل السمعي معدات ذات تقنية عالية صممت خصيصاً لتحقيق غايات وأهداف علاجية معينة. تتميز هذه المعدات بقدرتها على ضبط عشوائية الأصوات ذات الترددات المختلفة، فضلاً عن انتظام نغمات عالية ومنخفضة تقلل من ميل الدماغ لحجب بعض الأصوات والتي قد تكون ذات أهمية، والتي يتم معرفتها من خلال تقييم السمع الذي يسبق العلاج. فالعديد من الأبحاث تشير الى أن عدم قدرة بعض الأطفال على التركيز أو ضعف التحصيل العلمي ناتج عن عدم قدرة الطفل على التمييز بين الأصوات التي يتوجب الانتباه اليها (مثل صوت المعلم أو صوت الشخص الذي ينادي/يخاطب الطفل) من تلك التي يتوجب تجاهلها (مثل صوت مكيف الهواء أو السيارات المارة بالطريق أو ضوضاء المحيط).
المكملات الغذائية:
يتأثر العقل وبشكل مباشر بوضع كيمياء الجسم (علينا أن نتذكر دائماً أن عمل الدماغ يعتمد على النواقل العصبية والتي هي بالأساس مواد كيميائية يتم تصنيعها داخل الجسم وأن وجود خلل معين في كيمياء الجسم قد يؤدي الى خلل في حالة التوازن في توفر هذه النواقل العصبية).