كثيرا ما يواجه الطفل مخاوف عديدة تتعلق بذهابه إلى المدرسة خاصة في الصفوف الأولى وفي الايام الأولى لبدء الدراسة تترواح بين قلق طبيعي من هذا الأمر يزول بمجرد الاندماج في المدرسة، وبين اضطراب مرضي يتطلب معالجة ورعاية فورية لتأثيره الكبير على صحة الطفل وتحصيله العلمي.
ويظهر العديد من الأطفال مخاوف متباينة ومستويات مختلفة للقلق من المدرسة بسبب التحاقهم بها لأول مرة أو نتيجة عوامل نفسية شخصية أو اجتماعية عامة رغم تجاوزهم لتجربة دخولها للمرة الأولى بزمن غير قصير، وينبغي في هذا المجال التمييز بين القلق البسيط والذي يشعر به الطفل أثناء توجهه للمدرسة لأول مرة وبين الخوف المرضي والذي يؤثر سلبا على شخصية الطفل وتحصيله العلمي.
فالنوع الأول لا يتعدى كونه شعور بالحماس ممزوجا بالتساؤل عن ماهية هذا المكان الجديد ومن فيه ولا يعاني الطفل فيه أية خبرات مؤلمة وغالبا ما يزول بعد اليوم الأول في المدرسة ليحل محله شعور الرغبة في الاكتشاف والاندماج في هذا المجتمع الجديد، أما النوع الثاني ففيه تكمن المشكلة، ويتوجب من الأهل العمل سريعا لمواجهته وعلاجه وهو ما يسمى باضطراب الخوف من المدرسة وهو خوف مرضي يظهر فيه الطالب ذعرا وقلقا تجاه المدرسة بشكل مبالغ وبلا مبرر ويتمثل برفضه للذهاب إليها و تفضيله البقاء في المنزل.
اعراض الخوف من المدرسة عادة ما تظهر أعراض نفسية وفيسيولوجية على الطفل تتمثل بالغثيان والتقيوء والتبول اللاإرادي وآلام البطن، وآلام الرأس او الشعور بالتعب الجسمي وشحوب اللون وتصبب العرق واحيانا برودة الأطراف.
أما الاعراض النفسية فتتمثل بالبكاء والقلق والخوف دون القدرة على التعبيير عن الاسباب الداعية لهذا الخوف وعادة ما تبدأ المشكلة على شكل شكاوى مبهمة من المدرسة و تهرب من الذهاب إليها و الإحجام المتكرر عن الاستيقاظ ليصل الطفل في نهاية الأمر لرفض المدرسة بشكل تام والبقاء في المنزل، وتزيد هذه الاعراض عندما يحين موعد الذهاب إليها وغالبا ما يغادر الطفل المنزل متوجها إلى المدرسة لكنه يعود من منتصف الطريق أو يكون في المدرسة ويندفع هاربا إلى البيت في حالة من الرعب و الذعر و في بعض الأحيان يستعين الطفل بالدموع أو بثورات الغضب التي قد تصل لحد السلوك العدواني، وفي حالة إجباره على الذهاب يتولد لديه الخوف ويبدو عليه الشحوب ويتصبب عرقا لكن كل هذا يختفي بزوال الضغط عليه لإجباره على الذهاب إليها.
اسباب الخوف من المدرسة
اكثر العوامل المسببة لهذا الاضطراب وهو الخوف من البعد عن الام او الخوف من التواجد بين عدد كبير من الناس، كما ان لاسلوب تعامل الاهل مع الطفل دور كبير ، فالدلال الزائد والعناية المفرطة تعد من اهم الاسباب التي تفقد الطفل الثقة بنفسه وتجعل من الصعوبة الانفصال عن والديه، وقد يصادف التحاق الطفل بالمدرسة قدوم مولود جديد مما يولد الغيره عنده والتي تجعله يتمسك بالبيت ويكره الذهاب للمدرسة والتي تحرمه من منافسة اخيه من حنان الام ورعايتها. واحيانا تبدا المدرسة دون تمهيد من قبل الاهل فيجد الطفل نفسه مجبرا على الذهاب للمدرسة دون سابق انذار أو تهيئة. وتلعب المواقف الطارئة داخل المدرسة سببا مهما في هذا الاضطراب كالمعاملة القاسية من قبل المدرسين كالضرب والصراخ والتعنيف. وأحيانا يسبب الوضع الإقتصادي للعائلي هذا الخوف مما يسبب له الحرج أمام زملائه. اما أكثر الاسباب فهي الفشل في التحصيل الدراسي وعدم القدرة على استيعاب الدروس وصعوبة المواد الدراسية.
حلول مقترحة لهذه المشكلة على الأهل تجاهل الشكاوى الجسمية التي يظهرها الطفل وعدم التركيز عليها، وتشجع الابوين على ارغام الطفل على الذهاب للمدرسة دون إظهار اي تعاطف معه. اما في صباح كل يوم يفضل ايقاظه بهدوء ومساعدته على ارتداء ملابسه وترتيب كتبه مع التشجيع المستمر له.
أما بعد رجوعه من المدرسة يجب ان تمتدح سلوكه وتثني على نجاحه في الذهاب إلى المدرسة مهما كان حالته من خوف أو رفض للذهاب للمدرسة. أما في يوم العطلة فالأفضل اصطحابه لاماكن يفضل الذهاب لها كمكافئة له عن ذهابه للمدرسة.
وللمعلم دور مهم في حل هذه المشكلة ويأتي ذلك في محاولة كسب ثقة الطفل الخائف وإقامة علاقات طيبة معه. واشراكه في نشاطات الصف المختلفة حتى يصبح عضوا مشاركا فعالا فيه. وتجنب الصراخ والتوبيخ خاصة امام اقرانه، فهذا يزيد من شعوره بالخوف. ومحاول اعطاءه مهام قيادية في الصف، فهذا يزيد من ثقته بنفسه ويجعل المشكلة تتلاشى شيئا فشيئا.