1-كوليسترول الدم وبروتينات الدم الدهنية: أشارت معظم الدراسات التي أجريت على الصائمين أنه لوحظ ارتفاع طفيف في محتوى الدم من الكوليسترول الكلي في نهاية شهر رمضان، وقد نسبت الزيادة إلى عاملين أساسيين:
• السبب الغذائي، حيث أصبح من المعروف أن شهر رمضان يترافقه تنوع الأطباق المتناولة من الطعام وزيادة تناول الدهون والسكريات خلال فترة الإفطار وبالأخص عند وجبة الإفطار الرئيسية وبدرجة اقل عند وجبة السحور، وقد أشارت الدراسة التي أجريت على عينة من طلبة جامعة حلب في سوريا خلال شهر رمضان أن معدلات الكوليسترول قد انخفضت في النصف الأول من شهر الصوم حينما تناول الطلبة طعاما قليل الدهن (8. 8 % من مجموع الطاقة اليومية)، وارتفعت هذه المعدلات حينما تناول الطلبة طعاما غنيا بالدهون خلال وجبتي الإفطار والسحور (51. 2 % من مجموع الطاقة اليومية) في النصف الثاني من شهر الصيام.
• لقد أجمع عدد من الباحثين في نتائجهم لبحوث أجريت على أصحاء ومرضى على انه كلما ازداد عدد وجبات الطعام المتناولة في اليوم الواحد كلما انخفض مستوى الكوليسترول في الدم، وكلما نقص عدد وجبات الطعام كلما ارتفعت نسبة الكوليسترول، علما بأنه في الحالتين كانت السعرات الحرارية ثابتة من حيث كميتها، وهذه النتائج قد تفسر الاتجاه إلى الارتفاع في محتوى الدم من الكوليسترول عند الصائمين، ذلك لأنهم في الغالب يعتمدون على وجبة رئيسية واحدة وهي وجبة الإفطار، وتليها وجبة السحور، ومن هنا يمكننا أن نستنتج الأهمية الصحية والطبية لوجبة السحور، فبالإضافة إلى أنها تقوي الصائم وتعينه على ممارسة أعماله خلال النهار، فإنها تساعد على التقليل من حجم الزيادة في محتوى الدم من الكوليسترول والذي قد تؤدي زيادته بشكل كبير إلى بعض الآثار الجانبية والسلبية على الصحة، وخاصة على صحة وسلامة القلب والشرايين، وهذا مصداق لما أخبرنا عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: "تسحروا فان في السحور بركة". وفيما يتعلق بالبروتينات الدهنية، فهي تنقسم إلى نوعين رئيسيين: البروتينات الدهنية عالية الكثافة وهي مصدر للكوليسترول النافع، والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة وهي كذلك مصدر لما يسمى بالكوليسترول الضار.
فقد أظهرت إحدى الدراسات والتي أجراها خمايسة ورفاقه، أنه قد طرأ ارتفاع كبير وملحوظ على محتوى الدم من الكوليسترول النافع وبنسبة تصل الى 31. 9 % مقارنة مع محتوى الدم لهذا النوع من الدهون بعد شهر من انتهاء شهر رمضان (بناء على ان الجسم يرجع الى وضعه الطبيعي الذي كان عليه قبل الصيام بعد مرور شهر على صوم رمضان)، لأن كل التغيرات تزول بعد شهر واحد، ما عدا وزن الجسم، وهذا بدوره سيعمل على تقليل نسبة الكوليسترول الكلي الى الكوليسترول النافع وتقليل نسبة النوع الضار إلى المفيد في الدم ومن المعروف من الناحية الطبية أنه كلما انخفضت تلك النسب فان ذلك سيقلل من الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، لما للنوع النافع من دور في ازالة الكوليسترول الضار المترسب على جدار الأوعية الدموية ونقله الى الكبد لتمثيله هناك.
2- الجليسيريدات الثلاثية:
أظهرت العديد من الدراسات ان معدلات الجليسيريدات الثلاثية في الدم تميل الى الانخفاض بشكل طفيف خلال شهر رمضان كما أظهرت دراسات أخرى أن معدلات الجليسيريدات الثلاثية قد زادت خلال هذه الفترة ويرجع هذا التغير بشكل أساسي إلى محتوى الأغذية المتناولة خلال فترة الإفطار من المواد السكرية والنشوية (الكربوهيدرات) حيث أن الزيادة في تناول الأغذية الغنية بهذه المغذيات يرتبط بشكل وثيق مع الزيادة في محتوى الدم من هذا النوع من الدهون ولكن وبسبب انخفاض محتوى الطاقة المتناولة خلال شهر رمضان سواء من المصادر الكربوهيدراتية أو الدهنية بالنسبة لما قبل شهر الصوم فان معدلات الجليسيريدات الثلاثية تميل إلى الانخفاض مع نهاية الشهر ومن الأدلة على ذلك انخفاض معدلات الأوزان بشكل عام خلال هذا الشهر والتي تعكس انخفاضاً في محتوى الطاقة المأخوذة الأمر الذي سيقلل حتماَ من محتوى الدم من هذه الدهون.
3- التغيرات في محتوى الدم من سكر الجلوكوز:
لاحظ الباحثون الذين اجروا فحوصات على محتوى الدم من سكر الجلوكوز ان مستوى هذا السكر يميل إلى التغير بشكل طفيف وغير ملحوظ خلال شهر رمضان سواء بالزيادة أو النقصان وذلك تبعا لطبيعة الأغذية المتناولة خلال فترة الإفطار وخاصة فيما يتعلق بمحتوى الأغذية من الدهون والسكريات فقد لاحظ احد الباحثين ان محتوى الأغذية من الكربوهيدرات والدهون تأثيرا ايجابياً وسلبياً على التوالي لكل منها فيما يتعلق بمحتوى الدم من سكر الجلوكوز.
4- التغير في محتوى الدم من حمض البول:
يحاول بعض المغرضين في الغرب الإيحاء بأن الصيام قد يؤدي إلى جفاف الجسم واضطراب محتوى الدم من الأملاح المعدنية وارتفاع نسبة حامض البول فيه. الدم وفي الحقيقة فقد لوحظ ان هنالك ارتفاعاً ملحوظاً في محتوى الدم من حامض البول في نهاية شهر رمضان حيث وصل هذا الارتفاع إلى 38% عن المحتوى الأصلي كما في بعض الدراسات وفي المقابل أثبتت بعض الأبحاث الرصينة التي أجريت على عينات من الصائمين ان محتوى الدم من حاض البول لم يتغير خلال فترة الصيام، كما أشارت دراسة أخرى إلى ان حاض البول قد انخفض خلال الأسبوعين الأولين من الصيام إلا انه ازداد زيادة طفيفة في الأسبوعين الأخيرين، وبالرغم من حصول ارتفاع في محتوى الدم من هذا الحامض إلا أن هذه الزيادة لا ترقى إلى الحد الذي تسبب فيه أعراضا مرضية كداء النقرس أو ما يعرف بداء الملوك. والسبب في ذلك أن هذه الزيادة تحدث مرة واحدة في السنة خلال فترة مؤقتة وتزول مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان ولا ندري فقد تكون لهذه الزيادة فوائد صحية وطبية لم يشأ الله عز وجل ان يظهرها على أهل العلم والاختصاص ونبقى نحتكم إلى أصل عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إلا وهو قول الحق جل وعلا (وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون(. وقد لاحظ الباحثون في إحدى الدراسات أن تناول غذاء غني بالدهون أحادية اللاّإشباع، مثل زيت الزيتون، خلال شهر رمضان قد منع حدوث ارتفاع في مستوى حمض البول، والذي يعتمد في زيادته على محتوى الأغذية من الدهون المشبعة، وبهذا فانه يمكننا ان نقلل من الزيادة في هذا المركب من خلال تناول كميات إضافية من زيت الزيتون والتقليل من تناول الأغذية الغنية بالدهون المشبعة ومصادر البيورينيات والبيرميدينات (والتي ينتهي تمثيلها بتكوين "حمض البول" في وجبات الإفطار والسحور).
الآثار الصحية للصوم:
يعتبر الصوم فريضة يؤديها الإنسان قربة إلى الله تعالى مثل الصلاة وعلى الرغم من ذلك فإن لها منافع عديدة تعود على الفرد الصائم نفسه والمجتمع الإسلامي منها الفوائد الصحية، والتي تتمثل في التالي:
• خفض نسبة السكر: يعد الصوم خير فرصة لخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، وعلى هذا فإن الصيام يعطي غدة البنكرياس فرصة رائعة للراحة، فالبنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم أخيرا يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر. وقد أقيمت دور للعلاج في شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر بإتباع نظام الصيام لفترة تزيد على عشر ساعات وتقل عن عشرين كل حسب حالته، ثم يتناول المريض وجبات خفيفة جدا، وذلك لمدة متوالية لا تقل عن ثلاثة أسابيع. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة في علاج مرضى السكر ودون أية عقاقير كيميائية.
• يساعد على إنقاص الوزن: يساعد الصيام على إنقاص الوزن، بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام في وقت الإفطار، وألا يتخم الإنسان معدته بالطعام والشراب بعد الصيام، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ إفطاره بعدد من التمرات لا غير أو بقليل من الماء ثم يقوم إلى الصلاة، وهذا الهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر الموجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة إلى الدم، وفي نفس الوقت يعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد. أما لو بدأت طعامك بعد جوع بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا كي يتم هضمها ويتحول جزء منها إلى سكر يشعر الإنسان معه بالشبع، وفي هذا الوقت يستمر الإنسان في ملء معدته فوق طاقتها توهما منه أنه مازال جائعا، ويفقد الصيام هنا خاصيته المدهشة في جلب الصحة والعافية والرشاقة، بل يصبح وبالا على الإنسان حيث يزداد معه بدانة وسمنة، وهذا ما لا يريده الله تعالى لعباده بالطبع من تشريعه وأمره لعباده بالصوم.
• الوقاية من الأورام: يساعد الصيام على إزالة الخلايا التالفة والضعيفة من الجسم، فالجوع الذي يفرضه الصيام على الإنسان يحرك الأجهزة الداخلية لجسمه لاستهلاك الخلايا الضعيفة لمواجهة ذلك الجوع، فتتاح للجسم فرصة ذهبية كي يسترد خلالها حيويته ونشاطه، كما أنه يستهلك أيضًا الأعضاء المريضة ويجدد خلاياها، وكذلك يكون الصيام وقاية للجسم من كثير من الزيادات الضارة مثل الحصوة والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها.
• الوقاية من الأمراض الجلدية: إن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد، مما يعمل على: - زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية- التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في الجسم مثل مرض الصدفية.
• تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية.
• مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثورا مستمرة.
• الوقاية من مرض النقرس "داء الملوك": ينتج مرض "النقرس" عن زيادة التغذية والإكثار من أكل اللحوم، ومعه يحدث خلل في تمثيل البروتينات المتوافرة في اللحوم "خاصة الحمراء" داخل الجسم، مما ينتج عنه زيادة ترسيب حمض البوليك في المفاصل خاصة مفصل الأصبع الكبير للقدم، وعند إصابة مفصل بالنقرس فإنه يتورم ويحمر ويصاحب هذا ألم شديد، وقد تزيد كمية أملاح البول في الدم ثم تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، وإنقاص كميات الطعام علاج رئيسي لهذا المرض الشديد الانتشار
• الوقاية من جلطة القلب والمخ: أكد الكثيرون من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية - وأغلبهم غير مسلمين- أن الصوم لأنه ينقص من الدهون في الجسم فإنه بالتالي يؤدي إلى نقص مادة "الكوليسترول" فيه، وما أدراك "ما الكوليسترول"؟؟ إنها المادة التي تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ.
• الوقاية من آلام المفاصل: يتفاقم مرض آلام المفاصل مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخ آلام مبرحة، وتتعرض اليدان والقدمان لتشوهات كثيرة، وذلك المرض قد يصيب الإنسان في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه يصيب بالأخص المرحلة ما بين الثلاثين والخمسين، والمشكلة الحقيقية أن الطب الحديث لم يجد علاجا لهذا المرض حتى الآن، ولكن ثبت بالتجارب العلمية في بلاد روسيا أنه يمكن للصيام أن يكون علاجاً حاسماً لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماماً من النفايات والمواد السامة، وذلك بصيام متتابع لا تقل مدته عن ثلاثة أسابيع، وفي هذه الحالة فإن الجراثيم التي تسبب هذا المرض تكون جزءًا مما يتخلص منه الجسم أثناء الصيام، وقد أجريت التجارب على مجموعة من المرضى وأثبتت النتائج نجاحاً مبهراً.
المصدر: alukah.net