الساد الأبيض هل يمكن أن يصيب الأطفال؟ / د. قدري حجاوي

الساد هو فقدان الشفافية (إعتام) في عدسة العين التي تعد النسيج الشفاف الوحيد في الجسم ذا الصفة الكرستالية، وعندما تفقد هذه العدسة شفافيتها التي تحول دون مرور الضوء الواضح إلى شبكية العين، فإن المريض يعاني تدريجيا من انخفاض للرؤية.

يصيب الساد الأبيض كبار السن عادة، ويقدر عدد المصابين به ما يفوق الـ15 % بعد سن الستين، لترتفع النسبة لما يقارب 

الـ40 % بعد السبعين، وهو السبب الرئيسي لفقدان النظر الشديد في دول العالم الثالث.

الساد الذي يصيب الأطفال أو الخلقي أو الولادي الذي يولد ويسمى (الساد الخلقي) أو يتكون بعد الولادة بفترة وجيزة ويسمى (الساد الطفولي). وأشارت الإحصاءات إلى أن ثلاثة أطفال بين عشرة آلاف طفل يولدون به مع اختلاف هذه النسبة في دول العالم.

كيف يؤثر الساد الأبيض على الرؤية عند الأطفال؟

تسقط أشعة الضوء على الأجسام ثم تنعكس منها لتسقط على العين، تمر الأشعة من خلال القرنية، وتقوم العدسة بضبط الصورة في البؤرة على الشبكية في مؤخرة العين وهي صورة مقلوبة للجسم المرئي، ثم تقوم الأعصاب بالشبكية بإرسال إشارة إلى المخ عن طريق العصب البصري للصورة المقلوبة المتكونة، يقوم الدماغ بتعديل وضع الصورة كي نرى الأشياء في وضعها الحقيقي.

عند وصول الصورة غير واضحة (مشوشة) لمركز الإبصار في الدماغ، بسبب وجود الساد الأبيض في عدسة العين، فإن الدماغ يقوم بتجاهل هذه العين تلقائيا، كون الدماغ ما يزال في مرحلة التطور، مما يؤدي إلى عدم تعريف العين بالشكل الكامل وحدوث الكسل البصري مستقبلا.

لماذا يولد بعض الأطفال مصابين بالساد الأبيض؟

يحدث الساد الأبيض عند الأطفال عادة بسبب نمو غير طبيعي لعدسة العين خلال فترة الحمل، وهناك أسباب عدة؛ منها:

- الوراثي أو الجيني، بحيث يلاحظ انتشار الساد الأبيض بين عائلات معينة ووجود المرض عند العائلة.

- اعتلال في الأيض لدى الطفل الذي يؤثر من خلال تراكم مواد معينة لا يستطيع الجسم التخلص منها والتعامل معها لتستقر في أنسجة الجسم المختلفة ومنها عدسة العين.

- يكون المسبب جزءا من متلازمة مرض عام في الجسم. كمتلازمة البلاهة المنغولية ومتلازمة مارفان وغيرها.

- حدوث عدوى لدى الأم وبخاصة في الأشهر الأولى من الحمل.

- تعرض العين لإصابة أثناء الولادة ويظهر في الولادات المتعسرة والتي تستخدم فيها أدوات معينة لتسهيل ولادة الطفل.

ما هي أنواع الساد الأبيض الخلقي؟ ومقدار تأثيرها على الإبصار؟

يصيب الساد عدسة العين في أي من مكوناتها؛ كالجزء المركزي (نواة) ويعرف بالساد النووي، أو بقشرة العدسة، أو بحافظة العدسة، وقد يتكون الساد في أي من هذه المكونات بناء على وقت حدوثه أثناء أو بعد الحمل.

تأثر حدة الإبصار في العين لدى الأطفال المصابين بالمرض يكون حسب مكان الإصابة، فإن كان في النواة أو في جزء كبير من العدسة يؤدي لانخفاض حاد في حدة الإبصار، وفي حال كان الساد يبعد عن مركز العدسة أو حجمه صغير، فإن مقدار تأثيره غير ملاحظ على حدة الإبصار ولا يستدعي العلاج.

كيف تتم إزالة الساد (الأبيض) الخلقي؟

يكمن علاج الساد بإجراء فتحات ميكروسكوبية صغيرة في أطراف القرنية وباستخدام عدد طبية مخصصة يتجلى بحل الساد وامتصاصه، وتنتهي الجراحة بتغير محتوى عدسة العين المعتم بعدسة اصطناعية داخل العين عادةً يعتمد اختيارها على الخصائص البصرية لكل مريض (طفل) وعلى عمره.

وفي حالة عدم زراعة العدسة، تستخدم عدسة لاصقة خارجية ومن ثم يتم الترتيب لزراعة عدسات داخلية لاحقة.

ما العمر المناسب لإجراء العملية؟

يجب إزالة الساد من العين المصابة خلال الأيام الأولى من الولادة في حالة كان في عين دون الأخرى لتجنب حدوث الكسل البصري ومنع حدوث ضمور في مراكز الإبصار الدماغية للعين المصابة، وإن كان في كلتا العينين فتتم إزالته في العادة خلال الأسابيع الأولى من الولادة.

ولا يتوقف العلاج عند ذلك، بل يجب متابعة الطفل وذلك لعلاج ضعف الإبصار المتوقع والمرافق لنمو العين وتغير حجمها مع مراحل نمو الجسم، ما يؤدي لحدوث أخطاء بصرية من طول أو قصر، لذلك ينصح بمتابعة الأطفال لعمر عشر سنوات؛ أي إلى العمر الذي يثبت عنده قوة الإبصار في الغالب.

هل من الممكن تجنب حدوث الساد الخلقي عند الأطفال؟

من غير الممكن عادةً منعه أو تجنب حدوثه، خصوصا عندما يكون مسببه وراثياً، ولكن من المهم أن تكون هناك تعليمات من الطبيب المشرف على الأم قبل الحمل وخلاله، لتجنب الإصابة بعدوى جرثومية تنتقل للجنين وتؤثر على تطور نموه داخل الرحم من خلال أخذ اللقاحات والمطاعيم اللازمة. وعلى الأم تجنب الاختلاط بالحيوانات الأليفة، وبخاصة خلال الأشهر الأولى من الحمل حرصاً على عدم انتقال أي عدوى للأم.

وفي حالة وجود طفل مصاب بالساد الخلقي في العائلة، فمن الممكن استشارة أخصائي الهندسة الجينية لمحاولة التعرف على نسبة إصابة الطفل القادم لتقديم العلاج اللازم في أسرع وقت ممكن.

 

أخصائي طب وجراحة العيون

د. قدري حجاوي

 

 

الانتقال لصفحة الدكتور قدري حجاوي

 

المواد المنشورة في موقع الدليل الشافي

هي بمثابة معلومات فقط ولا يجوز اعتبارها

استشارة طبية أو توصية علاجية. 

    

تسجيل